-
القسم
الدراسات
-
الفئة المستهدفة
عام
-
نوع الدراسة
بحث
-
عدد الزيارات
1499
القيم الأخلاقية للتواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت من منظور إسلامي
الناشر
جامعة الزقازيق - كلية التربية
أهم القيم المناقشة
مع الآخرين
ملخص الدراسة
هدف البحث إلى: محاولة الكشف عن بعض التداعيات الأخلاقية السلبية الناتجة عن التعامل مع مواقع التواصل الإجتماعي عبر شبكة الإنترنت، ثم محاولة التوصل إلى مجموعة من القيم الأخلاقية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي تسهم في الحد من هذه التداعيات، بالإضافة إلي تقديم تصور مقترح لتفعيل تلك القيم، وذلك من خلال التركيز علي دور كل من الأسرة والمدرسة في إمكانية تنفيذها. وقد إستخدم البحث المنهج الوصفي، وأسفر البحث عن تأكيد منهج التربية القرآني والنبوي لأهمية القيم الأخلاقية في حياة الفرد والمجتمع؛ فهي أساس نهوض الفرد والمجتمع، وأن مواقع التواصل الإجتماعي ليست في حد ذاتها مصدرا موثوقا للمعلومات والأخبار؛ وإنما يجب الرجوع لأصل مصدر الخبر للتأكد من مصداقيته، كما ينبغي إنتهاج الموضوعية في التعامل مع المعرفة المتاحة علي تلك المواقع، وعلي كل مسلم أن يكون علي قدر من الوعي بتلك الجهود الحثيثة لإختراق العقل الإسلامي على مواقع التواصل الإجتماعي، من خلال قدرته على تنفيد ما ينشر من أفكار ومفاهيم هدامة تتناقض مع ثوابت الدين.
المشكلة المرصودة
لاشك أن هناك أثارا جانبية متعددة لمواقع التواصل الإجتماعي، ومنها: مساعدة مستخدمي هذه المواقع على إكتساب المعلومات والمعارف العامة، والإلمام المستمر بالأحداث المحلية والعالمية، وتنمية المهارات الحياتية والسلوكية والإجتماعية، وتبادل الخبرات المختلفة، فضلا عن دورها في تكوين صداقات وعلاقات إجتماعية، وإكتشاف المواهب والقدرات الشخصية وتنميتها، والشعور بتحقيق الذات والرضا عن النفس وغيرها.
ويلاحظ أن إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي بدأ ينحو نحو الجدية وإرتفاع مستوي الأفكار، عن طريق إستقطابها لهؤلاء الأفراد الذين لم يكن لهم سوي دور هامشي في الحياة، فأصبحوا يناقشون مشكلات المجتمع والإنسان والعالم بأسره، ويتبادلون في ذلك مختلف الأراء والخبرات، ويؤلفون قوة فعالة من الرأي العام العالمي قادرة على تغيير النظم الإجتماعية والسياسية التي كانت تنفرد بصياغتها النخبة مع إنكار حق الأغلبية العظمي من البشر العاديين من المشاركة في رسم السياسات التي تؤثر في حياتهم وتحدد مصائرهم(6).
ولقد جعلت ثورة 25 يناير 2011م- التي أسهم فيها جيل الشباب- من جدية ما يتم تداوله على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي شيئا بالغ الخطورة، له تأثيره في الواقع، وقدرته على تحريك الأجيال جميعها خلفهم(7).
لقد إستطاع هؤلاء الشباب –خلال مواقع التواصل الإجتماعي- أن يمارس إنسانيته المفقودة، ويشعر فيها بكرامته الضائعة، ويعبر بحرية عن افكاره ومعتقداته، حيث تتوافر فرص التحاور الحر، والتبادل المعرفي، والتواصل الإجتماعي، وقبول الآخر، وممارسة النقد، والتعامل مع البشر دون حواجز(8).
ولكن من ناحية أخري، فهناك بطبيعة الحال تجاوزات عديدة، وخروج عن القيم، وتحرر من المبادئ الأخلاقية والإجتماعية داخل مواقع التواصل الإجتماعي.
فبعض مستخدمي هذه المواقع يستخدمونها في وسائل الترفيه والتسلية، وبرامج المحادثات Chatting، والتي تندرج في إطار إضاعة الوقت فيما لا ينفع، فالتناقض هنا يأتي من إستخدام وسيط حديث للإتصال والمعرفة، في غير مكانه(9).
وقد أشارت نتائج دراسة "التواصل عبر الفيس بو ك" أن من أسباب إرتياد مواقع التواصل الإجتماعي هو التسلية والترفيه، كما أن أغلبية المستخدمين لهذه المواقع من الشباب المراهقين، والذين يظهرون إهتماما متزايدا في إستخدامها(10).
كما يتفق ذلك مع ما أشار إليه التقرير العربي للتنمية الثقافية فيما يخص إهتمامات الشباب العربي على مواقع التواصل الإجتماعي؛ حيث كانت قضايا الرياضة في المركز السادس، والمطربون والمطربات في المركز السابع، والطب والصحة في المركز التاسع، والأفلام والسينما في المركز العاشر، والتليفزيون في الحادي عشر، ومن بين قضايا الشأن العام تظهر القضايا الإجتماعية وقضايا الثقافة والفكر في المركزين الرابع والخامس على التوالي، في الفيس بوك، وبعد ذلك لا تظهر قضايا الشأن العام إلا متأخرة، كالإعلام، وحرية التعبير، والتربية، والتعليم، والعلوم، والمؤسسات السياسية، وقضية فلسطين، وحقوق الإنسان، وإتفاقيات السلام، والبيئة، والموارد، وغيرها(11).
وفضلا عن ذلك، فهناك تخوفات كثيرة من تجاوز الحدود-في مواقع التواصل الإجتماعي- عن طريق المبالغة في الكشف عن أسرار الحياة الشخصية والعلاقات بين الجنسين مما يتعارض مع القيم المتوارثة في شتي المجتمعات.
وعلى الرغم من كل ما يقال عن تغير المعايير الإجتماعية والأخلاقية بتغير الزمن، فهناك كثير من الإغراءات للإدلاء بخفايا الحياة الشخصية إلي جانب ما قد ينشره بعض الأشخاص من إدعاءات غير صحيحة، والرغبة في التظاهر وتعرية الذات أمام الآخرين تعبيرا عن الحرية الشخصية والتمرد على المجتمع(12).
ويتفق ذلك مع ما أشار إليه تقرير "المعرفة وشبكات التواصل الإجتماعي الإلكترونية" من أن هناك كثيرا من دواعي القلق بالنسبة لخصوصية الأفراد المشاركين في مواقع التواصل الإجتماعي، وهذا القلق ينمو بين مستخدمي هذه المواقع، نتيجة الحديث بفائض من المعلومات الشخصية، ومخاطر الأشخاص غير المنضبطين أخلاقيا وسلوكيا ممن يغررون بهؤلاء الشباب(13).
وإذا كان التواصل عبر الشبكات الإجتماعية يعد الوسيلة المفضلةفي التواصل الإجتماعي لجيل الإنترنت، إلا أن تلك الوسيلة يمكن إختراقها بسهولة، والإطلاع على محتوياتها من جانب أي طرف مهتم بمعلومات عن المستخدمين؛ حيث يتعرض كثير من هذه المواقع –على مدار اليوم- لهجمات إختراق مباشرة ينشأ عنها تدمير وتشويه صفحات أو محو معلومات أو وضع معلومات جديدة من قبل من يخترقون هذه المواقع(14).
ولعل من أخطر التداعيات الأخلاقية السلبية لمواقع التواصل الأجتماعي هو أن بعضا من مستخدميها يتبادلون المواد غير الأخلاقية على هذه المواقع، وبالرغم من أن النظر لهذه الصور هو أمر غير أخلاقي في حد ذاته، إلا أن الخطورة تتمثل في إدمان هذه العادة المدمرة، فضلا عن إستنزافها لأوقاتهم.
وإذا كان العصر الحالي هو عصر التدفق المذهل الملاحظ في إنتاج المعرفة، بشتي أشكالها، وتعدد مجالاتها، والتفريع الكثير للتخصصات والأنساق المعرفية المختلفة(15)، وعصر الثورة العلمية وتطبيقاتها التقنية، وتزايد العودة إلي الحرية المسئولة، كأسلوب للحياة الإنسانية السوية، فإن كل هذا يتطلب من الإنسان أن يفكر فيما يقوله ويكتبه، وأن ينتقي كلماته وأفكاره، وأن يعرض فكره بطريقة منطقية معقولة، وهذا يتطلب أن يخطط ويفكر فيما يقول ويكتب، ولا يمكن أن يحدث هذا إلا بنوع من التعليم المنظم المقصود(16).
ولا يجهل إنسان أن التربية الإسلامية هي السبيل الأمثل لإعداد الإنسان –الذي هو مناط الإصلاح، ومناط التغيير، بل مكمن التغيير الحضاري- إعدادا شموليا متكاملا متوازنا لقيادة حركة الحياة، والإرتقاء بمجتمعه.
وليست التربية الإسلامية تربية تنبنى على التعصب والعنصرية والجمود والإنغلاق، بل هي تربية متفتحة مستعدة لإثراء غيرها، وإفادته وتقويمه والتأثير الإيجابي فيه، وقابلة للاستفادة بكل صالح ومفيد للإنسان من المعارف والمعلومات والعلوم البشرية أيا كان مصدرها أو مكانها، مادامت في حدود الشرع والأخلاق(17).
وإذا كانت طريقة إستخدام مواقع التواصل الإجتماعي تتنوع وتختلف بإختلاف طريقة التفكير، والعمر، والمرحلة الدراسية، وعقلية الإنسان في إرادته لذاته أمام هذا الموقع، فلابد من وجود ضوابط أخلاقية تربوية للتعامل مع مواقع التواصل الإجتماعي حتي يمكن الإستفادة منها.
ومن هنا تنحصر مشكلة البحث في السؤال التالي: " ما القيم الأخلاقية للتواصل الإجتماعي عبر شبكة الإنترنت من منظور إسلامي؟" ويتفرع منه الأسئلة التالية:
ما التداعيات الأخلاقية السلبية لمواقع التواصل الإجتماعي؟
ما الضوابط الأخلاقية للتواصل الإجتماعي عبر شبكة الإنترنت من منظور إسلامي؟
ما التصور المقترح لتفعيل الضوابط الأخلاقية للتواصل الإجتماعي عبر شبكة الإنترنت؟
نتائج البحث
سيتم تناولها في عدة محاور كما يلي:
المحور الأول: ويتعلق بمحتوى ما يقدم على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ذلك:
أن يكون المحتوى المعرفي صادقا ومشتملا على بيانات صحيحة.
أن يكون محتوى ما يتم عرضه متفقا مع الذوق العام، والتقاليد والعادات الاجتماعية السائدة في المجتمع، مع ضرورة الامتناع عن نشر كل ما يمس الآداب العامة أو يوحي بالانحلال الأخلاقي، فلا يدفع ما يتم نشره في مواقع التواصل الاجتماعي إلى الرذيلة أو يسئ إلى الحياء العام أو يروج للعنف داخل المجتمع، أو يدفع إلى الحقد والفتنة بين أبناء المجتمع الواحد.
مراعاة عدم المساس بثوابت الدين وعلمائه أو وضعهم في صورة تمس كرامتهم، أو تقلل من مكانتهم
المحور الثاني: ويتعلق بمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ذلك:
تجنب الإساءة إلى أي شخص على مواقع التواصل الاجتماعي بصرف النظر عن لونه أو جنسه أو معتقده أو مهنته؛ إذ إن الاعتبار الإنساني وحده هو المعيار.
أن يلتزم مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي بالموضوعية في التعامل مع الآخرين على اختلاف أفكارهم وتصوراتهم وأيديولوجياتهم.
أن يتحمل مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مسئوليتهم الإنسانية؛ عن طريق بذل أقصى جهدهم لوضع كل شئ في إطاره الصحيح، والاستغلال الأمثل لأوقاتهم، حتى تكون حياتهم على النحو الذي يليق بهم.
ضرورة التثبت من صحة ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ورد الأمور إلى مصادرها الصحيحة، وكتمان أمر الإشاعات الكاذبة، ومواجهتها بالأدلة القاطعة التي تهدمها، وتغليب حسن الظن بين مستخدمي هذه المواقع.
ضرورة وجود هدف مسبق لدى مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حتى لا تتحول تلك المواقع إلى فضاءات للطرح البسيط والمتعجل لموضوعات تخلو من العمق والتركيز، وذلك لمجرد إبداء الرأي أو إثبات الحضور، وهذا يتطلب البعد عن الموضوعات التي تتأثر بتحيزات الأفراد، حتى لا تكون هذه المواقع وسيطا لتصفية الحسابات بين أفراد المجتمع الواحد على اختلاف مذاهبهم.
المحور الثالث: ويتعلق باللغة المستخدمة في مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ذلك:
لابد من محاولة استخدام مفردات اللغة العربية الأصيلة، للحد من انتشار اللغة العامية، وتشويه قوالب اللغة العربية.
تجنب استخدام الألفاظ المبتذلة والدخيلة على لغتنا العربية، والاهتمام باختيار الألفاظ التي لا تؤذي الشعور، وتجنب التهويل والمبالغة اللغوية في نشر الأخبار، والتي قد تصل إلى مرحلة الكذب والتضليل.
المحور الرابع: ويتعلق بمسئولية التربويين والمثقفين والإعلاميين، ومن ذلك:
أن يتحرك التربويون والمثقفون والإعلاميون لحماية المجتمع من الغزو الفكري والأخلاقي على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلكـ من خلال محاولة التواصل مع الشباب عبر هذه المواقع، لتلبية احتياجاتهم المتنوعة، وطرح البدائل الممكنة للمشكلات التي تعترضهم.
ضرورة تضافر المؤسسات الإعلامية والتربوية في ترشيد استخدام هذه الوسائط بتوعية مستخدميها بأخلاقيات التواصل الاجتماعي، وتوجيههم إلى ما يفيدهم، وينمي معارفهم وعقولهم، وينبههم إلى مخاطرها.
عمل مسح دوري، واستطلاعات ميدانية، للتعرف على تأثيرات الأفكار الهدامة على الشباب من خلال تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإيجاد جهة تنظيمية تطوعية تستقطب الشباب الواعي لرصد الأفكار الهدامة التي تنشر عبر هذه المواقع، وبحث سبل تفنيدها، والتصدى لها.
ضرورة عقد دورات تدريبية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي- وخاصة الشباب- بهدف صقل مهاراتهم وتنميتها، بما يساعد في إمكانية توظيف هذه المواقع في خدمة قضاياهم، وقضايا مجتمعهم.
إقامة الندوات والحلقات النقاشية المستمرة التي تتناول جل ما يتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة البعد الأخلاقي الذي يضبط تعاملاتها، وذلك من خلال حوار مفتوح مع مستخدمي هذه المواقع من أجل إرشادهم للاستخدام الأمثل لها، فضلا عن توضيح كيفية الاستفادة المثلى من مواقع التواصل الاجتماعي في نشر المعرفة الصحيحة.
أن تحاول المؤسسات التعليمية داخل المجتمع إنشاء مواقع خاصة بها لتحقيق التواصل الاجتماعي بين عناصر منظومة التعليم، بما يسهم في وجود حوارات ومناقشات هادفة.
محاولة الاستفادة من قدرة مواقع التواصل الاجتماعي في إحداث حراك اجتماعي داخل المجتمع، وذلك من خلال التنسيق بين رواد هذه المواقع من أجل الترويج والإعلان عن مشروعات ومبادرات داخل المجتمع توظف الطاقات الكامنة لدى مستخدمي هذه المواقع.
المحور الخامس: ويتعلق بمسئولية الشركات القائمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ذلك:
أن تقوم بالعمل على زيادة الثقة بها من خلال وضع معايير ضبط الدخول إليها، أو الكتابة فيها.
أن تعمل على حذف الموضوعات التي لا تتسق والحياء العام داخل المجتمع، أو تتناول الهجوم على ثوابت الدين والعقيدة، أو تستخدم للطعن والقذف والتشهير بالآخرين تحت مسمى حرية الرأي والتعبير، أو تؤثر على المنظومة القيمية داخل المجتمع.
بيانات إضافية
لا يوجد
-
الدولة
مصر
-
المدينة
القاهرة
-
سنة النشر
1434
-
الجنس
بدون تحديد
القيم المتناغمة مع رؤية 2030